عدد الرسائل : 55 العمر : 33 الموقع : https://mymy.hooxs.com العمل/الترفيه : طالب نشاط العضو : اخي : تاريخ التسجيل : 17/11/2007
موضوع: احمد ياسين السبت مارس 22, 2008 7:15 am
.
لا زلت أذكر ليلة استشهاده و كأنها حدثت منذ لحظات ، كنت حينها جالسا مع ثلة من الأصحاب في جلسة سمر يغلب عليها الترويح عن النفس بعد يوم حافل بالتعب و المشاق و فجأة و نحن نضحك إذ بسحابة من الحزن تغيم على و إذا بي أصاب بإكتئاب شديد ثم تتساقط دموعي رغما عنى ، وسط دهشة الخلان الذي بوغتوا بما لا يتوقعوا فالجو كان جو مرح و لم يحدث ما يعكر مجرى الحديث وحاولوا ا أن يستفسروا منى عن السبب و أنا لا أعرف ماذا أقول لهم فأنا شخصيا لم يكن لدى جواب !! ، واحترامي لحالة الحزن التي طرأت على ، انسحب أصدقائي من حولي و تركوني وحيدا لأنفجر في موجة من البكاء الحاد الذي لم يتوقف حتى مطلع الفجر بعد أن هجرني النوم ثم نزلت لصلاة الفجر و أنا أدعوا الله أن يفرج عنى ما أنا فيه و بعد أداء الصلاة بدقائق دق جرس الهاتف وارتفعت معه دقات قلبي و إذا بالخبر ينزل على كالصاعقة ( استشهد شيخ المجاهدين أحمد ياسين بصاروخ مباشر و هو خارج من المسجد عقب أداءه صلاة الفجر ) و مادت بي الأرض وسقطت في بحر من اللوعة و الحزن على فراق الحبيب الغالي ، أدرك جيدا أن هذه المشاعر لم تكن حكرا على بل شاركني فيها الملايين في شتى مشارق الأرض ومغاربها .
كان حادث استشهاده رحمه الله أقوى من أن يحتمله المرأ ، لم يكن الشيخ رحمه الله مجرد مجاهد رغم علو منزلة المجاهدين ، لم يكن كذلك رمزا لقضية نبيلة فحسب بل كان روحا تسرى في الأمة تبعث فيها الحياة من جديد ، حياة العزة و الكرامة ، حياة لا تعرف الانكسار إلا لله ، حياة ملأها ألم على واقعنا المرير و أمل كبير في مستقبلنا ، عندما تنظر إليه على كرسيه يتحسر المرأ على حاله ، هذا الشيخ المقعد الضعيف الواهن استطاع رغم عجزه و مرضه و الظروف القاسية التي عاش فيها استطاع أن يبنى هذا الصرح الشامخ – حماس - الذي تتكسر الآن على صخرته مؤامرات و عواصف لولا هو بعد الله عز وجل لانتهت القضية الفلسطينية منذ أمد بعيد ، بينما نحن الأصحاء نقف عاجزين أمام ما يحاك لأمتنا من فتن كقطع الليل المظلم .
· قصة حياته رحمه الله هي قصة فلسطين باختصار بل قصة أمة بكاملها ، ولد عام 1938 في قرية الجورة، قضاء المجدل جنوبي قطاع غزة ثم استقر في قطاع غزة مع أسرته بعد نكبة 1948 وكان عمره حينها 12 عاما ‘ عانت أسرته كثيرا من ألم الجوع و الحرمان فاضطر إلى ترك الدراسة لمدة عام ليعيل أسرته المكونة من سبعة أفراد فعمل بأحد المطاعم بغزة ثم أكمل دراسته مرة أخرى حتى أصيب في حادث على أحد شواطىء غزة أثناء ممارسته للرياضة و هو لا يزال في مقتبل الشباب نتج عنه شلل كلى في جميع أطرافه ، ثم اشتعل بالتدريس بعد تخرجه ثم عمل خطيباً ومدرساً في مساجد غزة حتى أصبح في ظل الاحتلال أشهر خطيب عرفه قطاع غزة لأنه كان لا يخشى في الحق لومة لائم .
· شارك الشيخ الشهيد في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجا على العدوان الثلاثي على مصر وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية عالية ، مما وضعه تحت عين المخابرات المصرية في غزة فتم اعتقاله أكثر من مرة عام 1965م بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين و خاصة وأن الحملة على إخوان مصر كانت على أشدها في ذلك الوقت .
· تم اختيار الشيخ أحمد ياسين في العام 1968 لقيادة الإخوان المسلمين في فلسطين فأسس الجمعية الإسلامية ثم المجمع الإسلامي ، وساهم بشكل كبير في تأسيس الجامعة الإسلامية .
· اعتقل الشيخ في عام 1983 لحيازة السلاح وتشكيل تنظيم عسكري، والتحريض على إزالة إسرائيل من الوجود، وقد حكم عليه من قبل محكمة صهيونية بالسجن لمدة 13 عاماً ثم أفرج عنه عام 1985 في إطار عملية تبادل للأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد أن أمضى 11 شهراً في السجن .
أسس الشيخ مع مجموعة من قيادات الإخوان و النشطاء الإسلاميين في فلسطين عام 1987 حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) القوة الضاربة لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين كما يقول موقع الحركة على الإنترنت ، بعد أن قام سائق شاحنة صهيوني في 6 كانون الأول / ديسمبر1987، بدهس سيارة صغيرة يستقلها عمال عرب فاستشهاد أربعة من أبناء الشعب الفلسطيني فكان الرد إعلان النفير العام . وصدر البيان الأول عن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" يوم الخامس عشر من ديسمبر 1987 إيذانا ببدء الجهاد المسلح المنظم ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم.
داهمت قوات الاحتلال الصهيوني منزل الشيخ أواخر شهر آب/ أغسطس 1988، وقامت بتفتيشه وهددته بدفعه من مقعده المتحرك عبر الحدود ونفيه إلى لبنان .
و في ليلة 18/5/1989 قامت سلطات الاحتلال باعتقال الشيخ أحمد ياسين مع المئات من أبناء حركة "حماس" في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على جنود الاحتلال ومستوطنيه، واغتيال العملاء .
في 16/10/1991 أصدرت محكمة عسكرية صهيونية حكماً بالسجن مدى الحياة مضاف إليه خمسة عشر عاماً على الشيخ أحمد ياسين بعد أن وجهت له لائحة اتهام تتضمن 9 بنود منها التحريض على اختطاف وقتل جنود صهاينة وتأسيس حركة "حماس" وجهازيها العسكري والأمني .
في 13/12/1992 قامت مجموعة فدائية من مقاتلي كتائب الشهيد عز الدين القسام بخطف جندي صهيوني وعرضت المجموعة الإفراج عن الجندي مقابل الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين ومجموعة من المعتقلين في السجون الصهيونية بينهم مرضى ومسنين ومعتقلون عرب اختطفتهم قوات صهيونية من لبنان، إلا أن الحكومة الصهيونية رفضت العرض وداهمت مكان احتجاز الجندي مما أدى إلى مصرعه ومصرع قائد الوحدة المهاجمة قبل استشهاد أبطال المجموعة الفدائية.
أفرج عنه فجر يوم الأربعاء 1/10/1997 بموجب اتفاق جرى التوصل إليه بين الأردن وإسرائيل للإفراج عن الشيخ مقابل تسليم عميلين صهيونيين اعتقلا في الأردن عقب محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة و تستمر رحلة الكفاح الدامي ضد عدو غاشم يملك كل أسباب القوة الغاشمة و تقف وراءه دول عظمى و لديه في الداخل الفلسطيني خونة و عملاء يملكون السلطة والنفوذ و الفساد الأخلاقي و المالي و وسط محيط عربي رسمي خانع و خاضع للحلف الصهيوني الأمريكي حتى تحين لحظة استشهاده لينال أمنية حياته التي طالما أنتظرها بعد أن اطمأن أن هناك خلفه الآلاف من الأبطال الذين يحبون الموت أكثر من حبهم للحياة .
ربما تتشابه مسيرة حياة الشيخ الشهيد مع الكثير من العظماء عبر التاريخ و لكنه ما يميزه عن غيره و يجعله متفردا في زمانه أنه بدأ جهاده متجردا خاشعا خاضعا لله و ربما كان هذا السبب الذي من أجله لم تصب عنقه بالشلل حتى يستطيع أن يتطلع باستمرار إلى أعلى ، إلى السماء ، موطنه الطبيعي و مصدر الشوق المتجدد لديه ، إنها سلسة تبدأ بسيد الشهداء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتمتد حتى قيام الساعة و لكن هذه السلسة بين حلقاتها لآلىء تشع نورا سرمدي يخطف الأبصار و يدهش العقول وأحسب أنا شيخنا الشهيد أحد هذه اللآلىء التي سيظل نورها ينير لنا الدرب .